فصل: (مَا فَاتَ ابْنُ إسْحَاقَ ذِكْرَهُمْ):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: سيرة ابن هشام المسمى بـ «السيرة النبوية» (نسخة منقحة)



.[ذِكْرُ أَسْرَى قُرَيْشٍ يَوْمَ بَدْرٍ]:

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَأُسِرَ مِنْ الْمُشْرِكِينَ مِنْ قُرَيْشٍ يَوْم بَدْر، مِنْ بَنِي هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ عَقِيلُ بْنُ أَبِي طَالِبِ بْنِ عَبْدِ الْمُطّلِبِ بْنِ هَاشِمٍ؛ وَنَوْفَلُ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطّلِبِ بْنِ هَاشِمٍ. وَمِنْ بَنِي الْمُطّلِبِ بْنِ عَبْدِ مَنَاف ٍ: السّائِبُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ عَبْدِ يَزِيدَ بْنِ هَاشِمِ بْنِ الْمُطّلِبِ وَنُعْمَانُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ بْنِ الْمُطّلِبِ. رَجُلَانِ.
بَنِي عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ: عَمْرُو بْنُ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ حَرْبِ بْنِ أُمَيّةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ؛ وَالْحَارِثُ بْنُ أَبِي وَجْزَةَ بْنِ أَبِي عَمْرِو بْنِ أُمَيّةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ. وَيُقَالُ ابْنُ أَبِي وَحْرَةَ، فِيمَا قَالَ ابْنُ هِشَامٍ. قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَأَبُو الْعَاصِ بْنِ الرّبِيعِ بْنِ عَبْدِ الْعُزّى بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ؛ وَأَبُو الْعَاصِ بْنِ نَوْفَلِ بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ. وَمِنْ حُلَفَائِهِمْ أَبُو رِيشَةَ بْنُ أَبِي عَمْرٍو؛ وَعَمْرُو بْنُ الْأَزْرَقِ؛ وَعُقْبَةُ بْنُ عَبْدِ الْحَارِثِ بْنِ الْحَضْرَمِيّ. سَبْعَةُ نَفَرٍ.
وَمِنْ بَنِي نَوْفَلِ بْنِ عَبْدِ مَنَاف ٍ عَدِيّ بْنُ الْخِيَارِ بْنِ عَدِيّ بْنِ نَوْفَلٍ؛ وَعُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ شَمْسِ ابْنِ أَخِي غَزْوَانَ بْنِ جَابِرٍ حَلِيفٌ لَهُمْ مِنْ بَنِي مَازِنِ بْنِ مَنْصُورٍ وَأَبُو ثَوْرٍ، حَلِيفٌ لَهُمْ. ثَلَاثَةُ نَفَرٍ. وَمِنْ بَنِي عَبْدِ الدّارِ بْنِ قُصَيّ: أَبُو عَزِيزِ بْنِ عُمَيْرِ بْنِ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ عَبْدِ الدّارِ وَالْأَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ حَلِيفٌ لَهُمْ. وَيَقُولُونَ نَحْنُ بَنُو الْأَسْوَدِ بْنِ عَامِرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ بْنِ السّبّاقِ. رَجُلَانِ.
وَمِنْ بَنِي أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزّى بْنِ قُصَيّ: السّائِبُ بْنُ أَبِي حُبَيْشِ بْنِ الْمُطّلِبِ بْنِ أَسَدٍ؛ وَالْحُوَيْرِث بْنُ عَبّادِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ أَسَدٍ. قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: هُوَ الْحَارِثُ بْنُ عَائِذِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ أَسَدٍ. قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَسَالِمُ بْنُ شَمّاخٍ حَلِيفٌ لَهُمْ. ثَلَاثَةُ نَفَرٍ. وَمِنْ بَنِي مَخْزُومِ بْنِ يَقَظَة بْنِ مُرّةَ خَالِدُ بْنُ هِشَامِ بْنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ عَبْدِ اللّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ مَخْزُومٍ؛ وَأُمَيّةُ بْنُ أَبِي حُذَيْفَةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ وَالْوَلِيدُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ؛ وَعُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ اللّهِ بْنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ عَبْدِ اللّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ مَخْزُومٍ؛ وَصَيْفِيّ بْنُ أَبِي رِفَاعَةَ بْنِ عَابِدِ بْنِ عَبْدِ اللّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ مَخْزُومٍ، وَأَبُو الْمُنْذِرِ بْنِ أَبِي رِفَاعَةَ بْنِ عَابِدِ بْنِ عَبْدِ اللّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ مَخْزُومٍ؛ وَأَبُو عَطَاءٍ عَبْدُ اللّهِ بْنُ أَبِي السّائِبِ بْنِ عَبْدِ اللّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ مَخْزُومٍ، وَالْمُطّلِبُ بْنُ حَنْطَبِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ مَخْزُومٍ، وَخَالِدُ بْنُ الْأَعْلَمِ حَلِيفٌ لَهُمْ وَهُوَ كَانَ- فِيمَا يَذْكُرُونَ- أَوّلُ مَنْ وَلّى فَارّا مُنْهَزِمًا، وَهُوَ الّذِي يَقُولُ:
وَلَسْنَا عَلَى الْأَدْبَارِ تَدْمَى كُلُومُنَا ** وَلَكِنْ عَلَى أَقْدَامِنَا يَقْطُرُ الدّمُ

تِسْعَةُ نَفَرٍ. قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَيُرْوَى: لَسْنَا عَلَى الْأَعْقَابِ. وَخَالِدُ بْنُ الْأَعْلَمِ مِنْ خُزَاعَةَ، وَيُقَال: عُقَيْلِيّ.
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَمِنْ بَنِي سَهْمِ بْنِ عَمْرِو بْنِ هُصَيْص بْنِ كَعْبٍ: أَبُو وَدَاعَةَ بْنُ ضُبَيْرَة بْنِ سَعِيدِ بْنِ سَعْدِ بْنِ سَهْم، كَانَ أَوّلَ أَسِيرٍ أَفْتُدِيَ مِنْ أَسْرَى بَدْرٍ افْتَدَاهُ ابْنُهُ الْمُطّلِبُ بْنُ أَبِي وَدَاعَةَ؛ وَفَرْوَةُ بْنُ قَيْسِ بْنِ عَدِيّ بْنِ حُذَافَةَ بْنِ سَعْدِ بْنِ سَهْمٍ بْنُ قَبِيصَةَ بْنِ حُذَافَةَ بْنِ سَعْدِ بْنِ سَهْمٍ وَالْحَجّاجُ بْنُ قَيْسِ بْنِ عَدِيّ بْنِ سَعْدِ بْنِ سَهْمٍ. أَرْبَعَةُ نَفَرٍ. وَمِنْ بَنِي جُمَحَ بْنِ عَمْرِو بْنِ هُصَيْص بْنِ كَعْبٍ عَبْدُ اللّهِ بْنُ أُبَيّ بْنِ خَلَفِ بْنِ وَهْبِ بْنِ حُذَافَةَ بْنِ جُمَحَ وَأَبُو عَزّةَ عَمْرُو بْنُ عَبْدِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ وُهَيْب بْنِ حُذَافَةَ بْنِ جُمَحَ وَالْفَاكِهُ مَوْلَى أُمَيّةَ بْنِ خَلَفٍ، ادّعَاهُ بَعْدَ ذَلِكَ رَبَاحُ بْنُ الْمُغْتَرِفِ وَهُوَ يَزْعُمُ أَنّهُ مِنْ بَنِي شَمّاخِ بْنِ مُحَارِبِ بْنِ فِهْرٍ- وَيُقَال: إنّ الْفَاكِهَ ابْنَ جَرْوَل بْنِ حِذْيَمِ بْنِ عَوْفِ بْنِ غَضْب بْنِ شَمّاخِ بْنِ مُحَارِبِ بْنِ فِهْرٍ- وَوَهْبُ بْنُ عُمَيْرِ بْنِ وَهْبِ بْنِ خَلَفِ بْنِ وَهْبِ بْنِ حُذَافَةَ بْنِ جُمَحَ وَرَبِيعَةُ بْنُ دَرّاجِ بْنِ الْعَنْبَس بْنِ أُهْبَان بْنِ وَهْب بْنِ حُذَافَةَ بْنِ جُمَحَ. خَمْسَةُ نَفَرٍ.
وَمِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيّ: سُهَيْلُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَبْدِ وُدّ بْنِ نَصْرِ بْنِ مَالِكِ بْنِ حِسْلِ بْنِ عَامِرِ أَسَرَهُ مَالِكُ بْنُ الدّخْشُم، أَخُو بَنِي سَالِمِ بْنِ عَوْفٍ وَعَبْدُ بْنُ زَمَعَةَ بْنِ قَيْسِ بْنِ عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَبْدِ وُدّ بْنِ نَصْرِ بْنِ مَالِكِ بْنِ حِسْلِ بْنِ عَامِرٍ وَعَبْدُ الرّحْمَنِ بْنُ مَشْنُوءِ بْنِ وَقْدَان بْنِ قَيْسِ بْنِ عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَبْدِ وُدّ بْنِ نَصْرِ بْنِ مَالِكِ بْنِ حِسْلِ بْنِ عَامِرٍ. ثَلَاثَةُ نَفَرٍ. بَنِي الْحَارِثِ بْنِ فِهْرٍ: الطّفَيْلُ بْنُ أَبِي قُنَيْع؛ وَعَتَبَةُ بْنُ عَمْرِو بْنِ جَحْدَم. رَجُلَانِ. قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: فَجَمِيعُ مَنْ حُفِظَ لَنَا مِنْ الْأُسَارَى ثَلَاثَةٌ وَأَرْبَعُونَ رَجُلًا.

.[مَا فَاتَ ابْنُ إسْحَاقَ ذِكْرَهُمْ]:

قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَقَعَ مِنْ جُمْلَةِ الْعَدَدِ رَجُلٌ لَمْ نَذْكُرْ اسْمَهُ وَمِمّنْ لَمْ نَذْكُرْ ابْنُ إسْحَاقَ مِنْ الْأُسَارَى: مِنْ بَنِي هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ: عُتْبَة، حَلِيفٌ لَهُمْ مِنْ بَنِي فِهْرٍ. رَجُلٌ. وَمِنْ بَنِي الْمُطّلِبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ: عَقِيلُ بْنُ عَمْرٍو، حَلِيفٌ لَهُمْ وَأَخُوهُ تَمِيمُ بْنُ عَمْرٍو؛ وَابْنُهُ ثَلَاثَةُ نَفَرٍ. وَمِنْ بَنِي عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَبْدِ مَنَاف ٍ خَالِدُ بْنُ أُسَيْد بْنِ أَبِي الْعِيصِ؛ وَأَبُو الْعَرِيضِ يَسَارٌ مَوْلَى الْعَاصِ بْنِ أُمَيّةَ. رَجُلَانِ. وَمِنْ بَنِي نَوْفَلِ بْنِ عَبْدِ مَنَاف ٍ نَبْهَانُ مَوْلًى لَهُمْ. رَجُلٌ. وَمِنْ بَنِي أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزّى: عَبْدُ اللّهِ بْنُ حُمَيْد بْنِ زُهَيْرِ بْنِ الْحَارِثِ. رَجُلٌ.
وَمِنْ بَنِي عَبْدِ الدّارِ بْنِ قُصَي ّ: عَقِيلٌ حَلِيفٌ لَهُمْ مِنْ الْيَمَنِ. رَجُلٌ. بَنِي تَيْمِ بْنِ مُرّةَ مُسَافِعُ بْنُ عِيَاضِ بْنِ صَخْرِ بْنِ عَامِرِ بْنِ كَعْبِ بْنِ سَعْدِ بْنِ تَيْمٍ وَجَابِرُ بْنُ الزّبِيرِ حَلِيفٌ لَهُمْ. رَجُلَانِ. وَمِنْ بَنِي مَخْزُومِ بْنِ يَقَظَةَ قَيْسُ بْنُ السّائِبِ. رَجُلٌ. وَمِنْ بَنِي جُمَحَ بْنِ عَمْرٍو: عَمْرُو بْنُ أُبَيّ بْنِ خَلَفٍ، وَأَبُو رُهْم بْنِ عَبْدِ اللّهِ، حَلِيفٌ لَهُمْ وَحَلِيفٌ لَهُمْ ذَهَبَ عَنّي اسْمُهُ وَمَوْلَيَانِ لِأُمَيّةِ بْنِ خَلَفٍ أَحَدُهُمَا نِسْطَاس؛ وَأَبُو رَافِعٍ غُلَامُ أُمَيّةَ بْنِ خَلَفٍ. سِتّةُ نَفَرٍ. وَمِنْ بَنِي سَهْمِ بْنِ عَمْرٍو: أَسْلَمَ، مَوْلَى نُبَيْه بْنِ الْحَجّاجِ. رَجُلٌ. وَمِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيّ: حَبِيبُ بْنُ جَابِرٍ وَالسّائِبُ بْنُ مَالِكٍ. رَجُلَانِ. وَمِنْ بَنِي الْحَارِثِ بْنِ فِهْرٍ: شَافِعُ وَشَفِيعٌ حَلِيفَانِ لَهُمْ مِنْ أَرْضِ الْيَمَنِ. رَجُلَانِ.

.[مَا قِيلَ مِنْ الشّعْرِ فِي يَوْمِ بَدْر]:

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَكَانَ مِمّا قِيلَ مِنْ الشّعْرِ فِي يَوْمِ بَدْر، وَتَرَادّ بَهْ الْقَوْمُ بَيْنَهُمْ لِمَا كَانَ فِيهِ قَوْلُ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُطّلِبِ يَرْحَمُهُ اللّهُ قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَأَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالشّعْرِ يُنْكِرُهَا وَنَقِيضَتَهَا:
أَلَمْ تَرَ أَمْرًا كَانَ مِنْ عَجْبِ الدّهْر ِ ** وَلِلْحَيْنِ أَسِبَابٌ مُبَيّنَةُ الْأَمْرِ

وَمَا ذَاكَ إلّا أَنّ قَوْمًا أَفَادَهُمْ ** فَحَانُوا تَوَاصٍ بِالْعُقُوقِ وَبِالْكُفْرِ

عَشِيّةَ رَاحُوا نَحْوَ بَدْرٍ بِجَمْعِهِمْ ** فَكَانُوا رُهُونًا لِلرّكِيّةِ مِنْ بَدْرِ

وَكُنّا طَلَبْنَا الْعِيرَ لَمْ نَبْغِ غَيْرَهَا ** فَسَارُوا إلَيْنَا فَالْتَقَيْنَا عَلَى قَدْرِ

فَلَمّا الْتَقَيْنَا لَمْ تَكُنْ مَثْنَوِيّةٌ ** لَنَا غَيْرَ طَعْنٍ بِالْمُثَقّفَةِ السّمْرِ

وَضَرْبٍ بِبِيضٍ يَخْتَلِي الْهَامَ حَدّهَا ** مُشْهِرَةُ الْأَلْوَانِ بَيّنَةُ الْأُثُرِ

وَنَحْنُ تَرَكْنَا عُتْبَة الْغَيّ ثَاوِيًا ** وَشَيْبَةَ فِي الْقَتْلَى تَجْرَجَمُ فِي الْجَفْرِ

وَعَمْرٌو ثَوَى فِيمَنْ ثَوَى مِنْ حُمَاتِهِمْ ** فَشُقّتْ جُيُوبُ النّائِحَاتِ عَلَى عَمْرِو

جُيُوبُ نِسَاءٍ مِنْ لُؤَيّ بْنِ غَالِبٍ ** كِرَامٍ تَفَرّعْنَ الذّوَائِبَ مِنْ فِهْرِ

أُولَئِكَ قَوْمٌ قُتّلُوا فِي ضَلَالِهِمْ ** وَخَلّوْا لِوَاءً غَيْرَ مُحْتَضَرِ النّصْرُ

لِوَاءُ ضَلَالٍ قَادَ إبْلِيسُ أَهْلَهُ ** فَخَاسَ بِهِمْ إنّ الْخَبِيثَ إلَى غَدْرِ

وَقَالَ لَهُمْ إذْ عَايَنَ الْأَمْرَ وَاضِحًا ** بَرِئْت إلَيْكُمْ مَا بِي الْيَوْمَ مِنْ صَبْرِ

فَإِنّي أَرَى مَا لَا تَرَوْنَ وَإِنّنِي ** أَخَافُ عِقَابَ اللّهِ وَاَللّهُ ذُو قَسْرِ

فَقَدّمَهُمْ لِلْحَيْنِ حَتّى تَوَرّطُوا ** وَكَانَ بِمَا لَمْ يَخْبُرْ الْقَوْمُ ذَا خُبْرِ

فَكَانُوا غَدَاةَ الْبِئْرِ أَلْفًا وَجَمْعُنَا ** ثَلَاثُ مِئِينٍ كَالْمُسْدَمَةِ الزّهْرِ

وَفِينَا جُنُودُ اللّهِ حَيْنَ يُمِدّنَا ** بِهِمْ فِي مَقَامٍ ثُمّ مُسْتَوْضَحِ الذّكْرِ

فَشَدّ بِهِمْ جِبْرِيلُ تَحْتَ لِوَائِنَا ** لَدَى مَأْزِقٍ فِيهِ مَنَايَاهُمْ تَجْرِي

الْحَارِثُ بْنُ هِشَامِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، فَقَالَ:
أَلَا يَا لِقَوْمِي لِلصّبَابَةِ وَالْهَجْرِ ** وَلِلْحُزْنِ مِنّي وَالْحَرَارَةِ فِي الصّدْرِ

وَلِلدّمْعِ مِنْ عَيْنَيّ جُودَا كَأَنّهُ ** فَرِيدٌ هَوَى مِنْ سِلْك نَاظِمه يَجْرِي

عَلَى الْبَطَلِ الْحُلْوِ الشّمَائِلِ إذْ ثَوَى ** رَهِينَ مَقَامٍ لِلرّكِيّةِ مِنْ بَدْرِ

فَلَا تَبْعُدْنَ يَا عَمْرُو مِنْ ذِي قُرَابَةٍ ** وَمِنْ ذِي نِدَامٍ كَانَ ذَا خُلُقٍ غَمْرِ

فَإِنْ يَكُ قَوْمٌ صَادَفُوا مِنْك دَوْلَةً ** فَلَا بُدّ لِلْأَيّامِ مِنْ دُوَلِ الدّهْرِ

فَقَدْ كُنْتَ فِي صَرْفِ الزّمَانِ الّذِي مَضَى ** تُرِيهِمْ هَوَانًا مِنْك ذَا سُبُلٍ وَعْرِ

فَإِلّا أَمُتْ يَا عَمْرُو أَتْرُكْ ثَائِرًا ** وَلَا أُبْقِ بُقْيَا فِي إخَاءٍ وَلَا صِهْرِ

وَأَقْطَعُ ظَهْرًا مِنْ رِجَالٍ بِمَعْشَرٍ ** كِرَامٍ عَلَيْهِمْ مِثْلَ مَا قَطَعُوا ظَهْرِي

أَغَرّهُمْ مَا جَمّعُوا مِنْ وَشِيظَةٍ ** وَنَحْنُ الصّمِيمُ فِي الْقَبَائِلِ مِنْ فِهْرِ

فِيَالَ لُؤَيّ ذَبّبُوا عَنْ حَرِيمِكُمْ ** وَآلِهَةٍ لَا تَتْرُكُوهَا لِذِي الْفَخْرِ

تَوَارَثَهَا آبَاؤُكُمْ وَوَرِثْتُمْ ** أَوَاسِيّهَا وَالْبَيْتَ ذَا السّقْفِ وَالسّتْرِ

فَمَا لِحَلِيمٍ قَدْ أَرَادَ هَلَاكَكُمْ ** فَلَا تَعْذِرُوهُ آلَ غَالِبٍ مِنْ عُذْرٍ

وَجِدّوا لِمِنْ عَادَيْتُمْ وَتَوَازَرُوا ** وَكُونُوا جَمِيعًا فِي التّأَسّي وَفِي الصّبْرِ

لَعَلّكُمْ أَنْ تَثْأَرُوا بِأَخِيكُمْ ** وَلَا شَيْءَ إنّ لَمْ تَثْأَرُوا بِذَوِي عَمْرِو

بِمُطّرِدَاتِ فِي الْأَكُفّ كَأَنّهَا ** وَمِيضٌ تُطِيرُ الْهَامَ بَيّنَةَ الْأُثْرِ

كَأَنّ مُدِبّ الذّرّ فَوْقَ مُتُونِهَا ** إذَا جُرّدَتْ يَوْمًا لِأَعْدَائِهَا الْخُزْر

قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: أَبْدَلْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَصِيدَةِ كَلِمَتَيْنِ مِمّا رَوَى ابْنُ إسْحَاقَ، وَهُمَا الْفَخْر فِي آخِرِ الْبَيْتِ وَفَمَا لِحَلِيمِ، فِي أَوّلِ الْبَيْتِ لِأَنّهُ نَالَ فِيهِمَا مِنْ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ. قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَقَالَ عَلِيّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فِي يَوْمِ بَدْرٍ: قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَلَمْ أَرَ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالشّعْرِ يَعْرِفُهَا وَلَا نَقِيضَتَهَا، وَإِنّمَا كَتَبْنَاهُمَا لِأَنّهُ يُقَالُ إنّ عَمْرَو بْنَ عَبْدِ اللّهِ بْنِ جُدْعَانَ قُتِلَ يَوْمَ بَدْرٍ، وَلَمْ يَذْكُرْهُ ابْنُ إسْحَاقَ فِي الْقَتْلَى، وَذَكَرَهُ فِي هَذَا الشّعْرِ:
أَلَمْ تَرَ أَنّ اللّهَ أَبْلَى رَسُولَهُ ** بَلَاءَ عَزِيزٍ ذِي اقْتِدَارِ وَذِي فَضْلٍ

بِمَا أَنْزَلَ الْكُفّارَ دَارَ مَذَلّةٍ ** فَلَاقَوْا هَوَانَا مِنْ إسَارٍ وَمِنْ قَتْل

فَأَمْسَى رَسُولُ اللّهِ قَدْ عَزّ نَصْرُهُ ** وَكَانَ رَسُولُ اللّهِ أُرْسِلَ بِالْعَدْل

فَجَاءَ بِفُرْقَانٍ مِنْ اللّهِ مُنْزَلٍ ** مُبَيّنَةٍ آيَاتُهُ لِذَوِي الْعَقْل

فَآمَنَ أَقْوَامٌ بِذَاكَ وَأَيْقَنُوا ** فَأَمْسَوْا بِحَمْدِ اللّهِ مُجْتَمِعِي الشّمْلِ

وَأَنْكَرَ أَقْوَامٌ فَزَاغَتْ قُلُوبُهُمْ ** فَزَادَهُمْ ذُو الْعَرْشِ خَبْلًا عَلَى خَبْلُ

وَأَمْكَنَ مِنْهُمْ يَوْمَ بَدْرٍ رَسُولَه ** وَقَوْمًا غِضَابًا فِعْلُهُمْ أَحْسَنُ الْفِعْلِ

بِأَيْدِيهِمْ بِيضٌ خِفَافٌ عَصَوْا بِهَا ** وَقَدْ حَادَثُوهَا بِالْجِلَاءِ وَبِالصّقْلِ

فَكَمْ تَرَكُوا مِنْ نَاشِئٍ ذِي حَمِيّةٍ ** صَرِيعًا وَمِنْ ذِي نَجْدَة مِنْهُمْ كَهْل

تَبِيتُ عُيُونُ النّائِحَاتِ عَلَيْهِمْ ** تَجُودُ بِأَسْبَالِ الرّشَاشِ وَبِالْوَبْلِ

نَوَائِحَ تَنْعَى عُتْبَة الْغَيّ وَابْنَه ** وَشَيْبَةَ تَنْعَاهُ وَتَنْعَى أَبَا جَهْلٍ

وَذَا الرّجُلِ تَنْعَى وَابْنَ جُدْعَانَ فِيهِمْ ** مُسَلّبَةً حَرّى مُبَيّنَة الثّكْلِ

ثَوَى مِنْهُمْ فِي بِئْرِ بَدْرٍ عِصَابَةٌ ** ذَوِي نَجَدَاتٍ فِي الْحُرُوبِ وَفِي الْمَحْل

دَعَا الْغَيّ مِنْهُمْ مَنْ دَعَا ** فَأَجَابَهُ وَلِلْغَيّ أَسِبَابٌ مُرَمّقَةُ الْوَصْلِ

عَنْ الشّغْبِ وَالْعُدْوَانِ فِي أَشْغَلْ الشّغْلِ ** فَأَضْحَوْا لَدَى دَارِ الْجَحِيمِ بِمَعْزِل

فَأَجَابَهُ الْحَارِثُ بْنُ هِشَامِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، فَقَالَ:
عَجِبْتُ لِأَقْوَامٍ تَغَنّى سَفِيهُهُمْ ** بِأَمْرٍ سَفَاهٍ ذِي اعْتِرَاضٍ وَذِي بُطْلٍ

تَغَنّى بِقَتْلَى يَوْمَ بَدْرٍ تَتَابَعُوا ** كِرَامِ الْمَسَاعِي مِنْ غُلَامٍ وَمِنْ كَهْلٍ

مَصَالِيتَ بِيضٍ مِنْ لُؤَيّ بْنِ غَالِبٍ ** مَطَاعِينَ فِي الْهَيْجَا مَطَاعِيمَ فِي الْمَحْلِ

أُصِيبُوا كِرَامًا لَمْ يَبِيعُوا عَشِيرَةً ** بِقَوْمِ سِوَاهُمْ نَازِحِي الدّارِ وَالْأَصْلِ

كَمَا أَصْبَحَتْ غَسّانُ فِيكُمْ بِطَانَةً ** لَكُمْ بَدَلًا مِنّا فِيَالَك مِنْ فِعْلِ

عُقُوقًا وَإِثْمًا بَيّنًا وَقَطِيعَةً ** يَرَى جَوْرَكُمْ فِيهَا ذَوُو الرّأْيِ وَالْعَقْلِ

فَإِنْ يَكُ قَوْمٌ قَدْ مَضَوْا لِسَبِيلِهِمْ ** وَخَيْرُ الْمَنَايَا مَا يَكُونُ مِنْ الْقَتْلِ

فَلَا تَفْرَحُوا أَنْ تَقْتُلُوهُمْ فَقَتْلُهُمْ ** لَكُمْ كَائِنٌ خَبْلًا مُقِيمًا عَلَى خَبْلِ

فَإِنّكُمْ لَنْ تَبْرَحُوا بَعْدَ قَتْلِهِمْ ** شَتِيتًا هَوَاكُمْ غَيْرُ مُجْتَمِعِي الشّمْلِ

بِفَقْدِ ابْنِ جُدْعَانَ الْحَمِيدِ فِعَالُهُ ** وَعُتْبَة وَالْمَدْعُوّ فِيكُمْ أَبَا جَهْلِ

وَشَيْبَةَ فِيهِمْ وَالْوَلِيدَ وَفِيهِمْ ** أُمَيّةَ مَأْوَى الْمُعْتَرِينَ وَذُو الرّجْلِ

أُولَئِكَ فَابْكِ ثُمّ لَا تَبْكِ غَيْرَهُمْ ** نَوَائِحُ تَدْعُو بِالرّزِيّةِ وَالثّكْلِ

وَقُولُوا لِأَهْلِ الْمَكّتَيْنِ تَحَاشَدُوا ** وَسِيرُوا إلَى آطَامِ يَثْرِبَ ذِي النّخْلِ

جَمِيعًا وَحَامُوا آلَ كَعْبٍ وَذَبّبُوا ** بِخَالِصَةِ الْأَلْوَانِ مُحْدَثَةِ الصّقْلِ

وَإِلّا فَبُيّتُوا خَائِفِينَ وَأَصْبِحُوا ** أَذَلّ لِوَطْءِ الْوَاطِئِينَ مِنْ النّعْلِ

عَلَى أَنّنِي وَاللّاتِ يَا قَوْمُ فَاعْلَمُوا ** بِكَمْ وَاثِقٌ أَنْ لَا تُقِيمُوا عَلَى تَبْلِ

سِوَى جَمْعِكُمْ لِلسّابِغَاتِ وَلِلْقَنَا ** وَلِلْبَيْضِ وَالْبِيضِ الْقَوَاطِعِ وَالنّبْلِ

وَقَالَ ضِرَارُ بْنُ الْخَطّابِ بْنِ مِرْدَاسٍ، أَخُو بَنِي مُحَارِبِ بْنِ فِهْرٍ، فِي يَوْمِ بَدْرٍ:
عَجِبْتُ لِفَخْرِ الْأَوْسِ وَالْحَيْنُ دَائِرٌ ** عَلَيْهِمْ غَدًا وَالدّهْرُ فِيهِ بَصَائِرُ

وَفَخْرُ بَنِي النّجّارِ إنْ كَانَ مَعْشَرٌ ** أُصِيبُوا بِبَدْرٍ كُلّهُمْ ثَمّ صَابِرُ

فَإِنْ تَكُ قَتْلَى غُودِرَتْ مِنْ رِجَالِنَا ** فَإِنّا رِجَالٌ بَعْدَهُمْ سَنُغَادِرُ

وَتَرْدِي بِنَا الْجُرْدُ الْعَنَاجِيجُ وَسَطكُمْ ** بَنِي الْأَوْسِ حَتّى يَشْفِي النّفْسَ ثَائِرٌ

وَوَسْطَ بَنِي النّجّارِ سَوْفَ نَكُرّهَا ** لَهَا بِالْقَنَا وَالدّارِعِينَ زَوَافِر

فَنَتْرُكُ صَرْعَى تَعْصِبُ الطّيْرُ حَوْلَهُمْ ** وَلَيْسَ لَهُمْ إلّا الْأَمَانِيّ نَاصِرُ

وَتَبْكِيهِمْ مِنْ أَهْلِ يَثْرِبَ نِسْوَةٌ ** لَهُنّ بِهَا لَيْلٌ عَنْ النّوْمِ سَاهِرُ

وَذَلِك أَنّا لَا تَزَالُ سُيُوفُنَا ** بِهِنّ دَمٌ مِمّنْ يُحَارَبْنَ مَائِرُ

فَإِنْ تَظْفَرُوا فِي يَوْمِ بَدْرٍ فَإِنّمَا ** بِأَحْمَدَ أَمْسَى جَدّكُمْ وَهُوَ ظَاهِرُ

وَبِالنّفَرِ الْأَخْيَارِ هُمْ أَوْلِيَاؤُهُ ** يُحَامُونَ فِي الّلأْوَاءِ وَالْمَوْتُ حَاضِرُ

يُعَدّ أَبُو بَكْرٍ وَحَمْزَةُ فِيهِمْ ** وَيُدْعَى عَلِيّ وَسْطَ مَنْ أَنْتَ ذَاكِرُ

وَيُدْعَى أَبُو حَفْصٍ وَعُثْمَانُ مِنْهُمْ ** وَسَعْدٌ إذَا مَا كَانَ فِي الْحَرْبِ حَاضِرُ

أُولَئِكَ لَا مَنْ نَتّجَتْ فِي دِيَارِهَا ** بَنُو الْأَوْسِ وَالنّجّارِ حَيْنَ تُفَاخِرُ

وَلَكِنْ أَبُوهُمْ مِنْ لُؤَيّ بْنِ غَالِبٍ ** إذَا عُدّتْ الْأَنْسَابُ كَعْبٌ وَعَامِرُ

هُمْ الطّاعِنُونَ الْخَيْلَ فِي كُلّ مَعْرَكٍ ** غَدَاةَ الْهِيَاجِ الْأَطْيَبُونَ الْأَكَاثِرُ

فَأَجَابَهُ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ، أَخُو بَنِي سَلِمَةَ فَقَالَ:
عَجِبْتُ لِأَمْرِ اللّهِ وَاَللّهُ قَادِرٌ ** عَلَى مَا أَرَادَ لَيْسَ لِلّهِ قَاهِرُ

قَضَى يَوْمَ بَدْرٍ أَنْ نُلَاقِيَ مَعْشَرًا ** بَغَوْا وَسَبِيلُ الْبَغْي بِالنّاسِ جَائِرُ

وَقَدْ حَشَدُوا وَاسْتَنْفَرُوا مِنْ يَلِيهِمْ ** مِنْ النّاسِ حَتّى جَمْعُهُمْ مُتَكَاثَرُ

وَسَارَتْ إلَيْنَا لَا تُحَاوِلُ غَيْرَنَا ** بِأَجْمَعِهَا كَعْبٌ جَمِيعًا وَعَامِرُ

وَفِينَا رَسُولُ اللّهِ وَالْأَوْسُ حَوْلَهُ ** لَهُ مَعْقِلٌ مِنْهُمْ عَزِيزٌ وَنَاصِرُ

وَجَمْعُ بَنِي النّجّارِ تَحْتَ لِوَائِهِ ** يُمَشّوْنَ فِي الْمَاذِيّ وَالنّقْعُ ثَائِرُ

فَلَمّا لَقِينَاهُمْ وَكُلّ مُجَاهِدٌ ** لِأَصْحَابِهِ مُسْتَبْسِلُ النّفْسِ صَابِرُ

شَهِدْنَا بِأَنّ اللّهَ لَا رَبّ غَيْرُهُ ** وَأَنّ رَسُولَ اللّهِ بِالْحَقّ ظَاهِرُ

وَقَدْ عُرّيَتْ بِيضٌ خِفَافٌ كَأَنّهَا ** مَقَابِيسُ يُزْهِيهَا لِعَيْنَيْك شَاهِرُ

بِهِنّ أَبَدْنَا جَمْعَهُمْ فَتَبَدّدُوا ** وَكَانَ يُلَاقِي الْحَيْنَ مَنْ هُوَ فَاجِرُ

فَكُبّ أَبُو جَهْلٍ صَرِيعًا لِوَجْهِهِ ** وَعُتْبَةُ قَدْ غَادَرْنَهُ وَهُوَ عَاثِرُ

وَشَيْبَةُ وَالتّيْمِيّ غَادَرْنَ فِي الْوَغَى ** وَمَا مِنْهُمْ إلّا بِذِي الْعَرْشِ كَافِرُ

فَأَمْسَوْا وَقُودَ النّارِ فِي مُسْتَقَرّهَا ** وَكُلّ كَفَوْرٍ فِي جَهَنّمَ صَائِرُ

تَلَظّى عَلَيْهِمْ وَهِيَ قَدْ شَبّ حَمْيُهَا ** بِزُبَرِ الْحَدِيدِ وَالْحِجَارَةِ سَاجِرُ

وَكَانَ رَسُولُ اللّهِ قَدْ قَالَ أَقْبِلُوا ** فَوَلّوْا وَقَالُوا: إِنّمَا أَنْتَ سَاحِرُ

لِأَمْرِ أَرَادَ اللهُ أَنْ يَهْلَكُوا بِهِ ** وَلَيْسَ لِأَمْرٍ حَمّهُ اللهُ زَاجِرُ

وَقَالَ عَبْدُ اللّهِ بْنُ الزّبْعَرَى السّهْمِيّ يَبْكِي قَتْلَى بَدْرٍ: فَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَتُرْوَى لِلْأَعْشَى بْنِ زُرَارَةَ بْنِ النّبّاشِ أَحَدُ بَنِي أُسَيْد بْنِ عَمْرِو بْنِ تَمِيمٍ حَلِيفُ بَنِي نَوْفَلِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ. قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: حَلِيفُ بَنِي عَبْدِ الدّارِ:
مَاذَا عَلَى بَدْرٍ وَمَاذَا حَوْلَهُ ** مِنْ فِتْيَةٍ بِيضِ الْوُجُوهِ كِرَامٍ

تَرَكُوا نُبَيْهًا خَلْفَهُمْ وَمُنَبّهًا ** وَابْنَيْ رَبِيعَةَ خَيْرَ خَصْمٍ فِئَام

وَالْحَارِثَ الْفَيّاضَ يَبْرُقُ وَجْهُهُ ** كَالْبَدْرِ جَلّى لَيْلَةَ الْإِظْلَامِ

وَالْعَاصِيَ بْنَ مُنَبّهٍ ذَا مِرّةٍ ** رُمْحًا تَمِيمًا غَيْرَ ذِي أَوْصَام

تَنَمّى بَهْ أَعْرَاقُهُ وَجُدُودُهُ ** وَمَآثِرُ الْأَخْوَالِ وَالْأَعْمَامِ

وَإِذَا بَكَى بَاكٍ فَأَعْوَل شَجْوَهُ ** فَعَلَى الرّئِيسِ الْمَاجِدِ ابْنِ هِشَامِ

حَيّا الْإِلَهُ أَبَا الْوَلِيدِ وَرَهْطَهُ ** رَبّ الْأَنَامِ وَخَصّهُمْ بِسَلَامِ

فَأَجَابَهُ حَسّانُ بْنُ ثَابِتٍ الْأَنْصَارِيّ، فَقَالَ:
ابْكِ بَكَتْ عَيْنَاك ثُمّ تَبَادَرَتْ ** بِدَمِ تُعَلّ غُرُوبُهَا سَجّام

مَاذَا بَكَيْتَ بِهِ الّذِينَ تَتَايَعُوا ** هَلّا ذَكَرْتَ مَكَارِمَ الْأَقْوَامِ

وَذَكَرْتَ مِنّا مَاجِدًا ذَا هِمّةٍ ** سَمْحَ الْخَلَائِقِ صَادِقَ الْإِقْدَامِ

أَعْنِي النّبِيّ أَخَا الْمَكَارِمِ وَالنّدَى ** وَأَبَرّ مَنْ يُولَى عَلَى الْإِقْسَامِ

فَلِمِثْلِهِ وَلِمِثْلِ مَا يَدْعُو لَهُ ** كَانَ الْمُمَدّحَ ثَمّ غَيْرُ كَهَام

.[شِعْرٌ لِحَسّانَ فِي بَدْرٍ أَيْضًا]:

وَقَالَ حَسّانُ بْنُ ثَابِتٍ الْأَنْصَارِيّ أَيْضًا:
تَبَلَتْ فُؤَادَك فِي الْمَنَامِ خَرِيدَةً ** تَسْقِى الضّجِيعَ بِبَارِدِ بَسّامِ

كَالْمِسْكِ تَخْلِطُهُ بِمَاءِ سَحَابَةٍ ** أَوْ عَاتِقٍ كَدَمِ الذّبِيحِ بَيّحَ مُدَام

نُفُجُ الْحَقِيبَةِ بُوصُهَا مُتَنَضّدٌ ** بَلْهَاءُ غَيْرُ وَشِيكَةِ الْأَقْسَامِ

بُنِيَتْ عَلَى قَطَنٍ أَجَمّ كَأَنّهُ ** فُضُلًا إذَا قَعَدَتْ مَدَاكُ رُخَامِ

وَتَكَادُ تَكْسَلُ أَنْ تَجِئْ فِرَاشُهَا ** فِي جِسْمِ خَرْعَبَة وَحُسْن قَوَام

أَمّا النّهَارَ فَلَا أُفَتّرُ ذِكْرَهَا ** وَاللّيْلُ تُوزِعُنِي بِهَا أَحْلَامِي

أَقْسَمْتَ أَنْسَاهَا وَأَتْرُكُ ذِكْرَهَا ** حَتّى تُغَيّبَ فِي الضّرِيحِ عِظَامِي

يَا مَنْ لِعَاذِلَةٍ تَلُومُ سَفَاهَةً ** وَلَقَدْ عَصَيْتُ عَلَى الْهَوَى لُوّامِي

بَكَرَتْ عَلَيّ بِسُحْرَةٍ بَعْدَ الْكَرَى ** وَتَقَارُبٍ مِنْ حَادِثِ الْأَيّامِ

زَعَمَتْ بِأَنّ الْمَرْءَ يَكْرُبُ عُمْرَهُ ** عَدَمٌ لِمُعْتَكِرٍ مِنْ الْأَصْرَامِ

إنّ كُنْتِ كَاذِبَةَ الّذِي حَدّتْتِنِي ** فَنَجَوْتِ مَنْجَى الْحَارِثِ بْنِ هِشَامِ

تَرَك الْأَحِبّة أَنْ يُقَاتِلَ دُونَهُمْ ** وَنَجَا بِرَأْسِ طِمرّة وَلِجَامِ

تَذَر الْعَنَاجِيجُ الْجِيَادُ بِقَفْرَةٍ ** مَرّ الدّمُوكِ بِمُحْصَدٍ وَرِجَامِ

مَلَأَتْ بِهِ الْفَرْجَيْنِ فَارْمَدّتْ بِهِ ** وَثَوَى أَحِبّتُهُ بِشَرّ مَقَامِ

وَبَنُو أَبِيهِ وَرَهْطُهُ فِي مَعْرَكٍ ** نَصَرَ الْإِلَهُ بِهِ ذَوِي الْإِسْلَامِ

طَحَنَتْهُمْ وَاَللّهُ يُنْفِذُ أَمْرَهُ ** حَرْبٌ يُشَبّ سَعِيرُهَا بِضِرَامِ

لَوْلَا الْإِلَهُ وَجَرْيُهَا لَتَرَكْنَهُ ** جَزَرَ السّبَاعِ وَدُسْنَهُ بحَوَامِي

مِنْ بَيْنَ مَأْسُورٍ يُشَدّ وَثَاقُهُ ** صَقْرٍ إذَا لَاقَى الْأَسِنّةَ حَامِي

وَمُجَدّلٍ لَا يَسْتَجِيبُ لِدَعْوَةٍ ** حَتّى تَزُولَ شَوَامِخُ الْأَعْلَامِ

بِالْعَارِ وَالذّلّ الْمُبَيّنِ إذْ رَأَى ** بِيضَ السّيُوفِ تَسُوقُ كُلّ هُمَامِ

بِيَدَيْ أَغَرّ إذَا انْتَمَى لَمْ يُخْزِهِ ** نَسَبُ الْقِصَارِ سَمَيْدَع مِقْدَامِ

بِيضٌ إذَا لَاقَتْ حَدِيدًا صَمّمَتْ ** كَالْبَرْقِ تَحْتَ ظِلَالِ كُلّ غَمَامِ